لكنْ
لكنْ: حرفٌ يقع بين نقيضين أبداً، ويفيد الاستدراك أبداً.
وهو حرفُ عطف، بشروط ثلاثة: أن يكون المعطوف بعده مفرداً لا جملةً، وأن يسبقه نفي أو نهي، وألاّ يقترن بالواو. مثال ذلك: [ما شربتُ اللبنَ لكن الماءَ].
فإذا تخلّف أحدُ هذه الشروط الثلاثة (أي: تلته جملة، أو اقترنت به الواو، أو لم يسبقه نفي أو نهي) كان حرفَ ابتداء واستدراك، يدخل على جملة، نحو: [نعملُ صباحاً ولكنْ نَقِيلُ ظُهراً]، وتكون الواو في هذه الحال هي العاطفة.
* * *
نماذج فصيحة من استعمال [لكنْ]
· قال زهير بن أبي سُلمى:
إنّ ابنَ وَرْقاءَ لا تُخشَى بَوادِرُهُ لكنْ وَقائِعُهُ في الحرب تُنْتَظَرُ
[لكنْ وقائعُه تُنتظَر]: لكنْ في البيت حرف ابتداء، إذ تلتها جملة هي: [وقائعه تنتظر]. ومجيء جملةٍ بعدها، يوجب اعتدادَها حرفَ ابتداء، ويمنع من اعتدادها حرفَ عطف. (شروط العطف: ألاّ تتلوها جملة، وألاّ تقترن بالواو، وأن يسبقها نفي أو نهي).
· قال الشاعر (الأمالي للقالي 1/82):
وليس أخي مَنْ وَدَّنِي رأيَ عيْنِهِ ولكنْ أخي مَنْ وَدَّنِي وهو غائبُ
[ولكنْ أخي مَنْ....]: لكنْ في البيت حرف ابتداء، إذ اقترنت بها الواو، واقترانها بها أوجب اعتدادَها حرفَ ابتداء، ومَنَع مِن اعتدادها حرفَ عطف. (شروط العطف: ألاّ تتلوها جملة، وألاّ تقترن بالواو، وأن يسبقها نفي أو نهي). ومن ثمّ تكون الواو في هذه الحال حرف عطف، يعطف جملة على جملة. [عطفت هنا جملةَ: (لكن أخي مَن...) على جملةِ: (ليس أخي مَن...)].
هذا، وحتى لو أسقطنا الواو - جدلاً - وأغفلناها، لظلّ في البيت مانعٌ آخر يمنع مِن أن تكون [لكنْ] حرف عطف، وهذا المانع هو مجيء جملة بعد [لكن]، فيَحْتِم اعتدادها حرف ابتداء.
· ومثل ما تقدّم طِبقاً، قول الشاعر:
إذا ما قَضَيت الدَّينَ بالدَّينِ لم يكن قضاءً، ولكنْ كان غُرْماً على غُرمِ
فقد اقترنت [لكن] هاهنا بالواو أيضاً، فالواو إذاً هي حرف العطف، وأما [لكن] فحرف ابتداء. وذلك أنّ اقترانها بالواو يمنع مِن اعتدادها حرفَ عطف. (شروط العطف: ألاّ تتلوها جملة، وألاّ تقترن بالواو، وأن يسبقها نفي أو نهي).
ودعْ عنك أنّ في البيت مانعاً آخر يمنع مِن أن تكون [لكنْ] حرف عطف، وهو مجيءُ جملةٍ بعدها، فيَحْتِم اعتدادها حرف ابتداء.
· قال تعالى: ]ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكنْ رسولَ الله[
(الأحزاب 33/40)
[ولكنْ رسولَ الله]: اقترنت [لكنْ] بالواو، فالواو إذاً عاطفة، و[لكن] حرف ابتداء واستدراك، وبعده جملة، على المنهاج، أي: ولكن كان رسولَ الله.
* * *
عودة | فهرس